الاثنين، أغسطس 11، 2008

معاناتنا .. إرث الأجيال

نختلف .. يوميا
بشتى الأمور، باختلاف المعتقدات و القناعات، و تعدد الحوارات و النقاشات، تمتلئ حياتنا من مختلف الآراء بالشيء الكثير، فمنها ما على النفس يسير، و منها ما هو عليها عسير.

تختلف الآراء باختلاف التجارب، و تصبح الخبرة اسلوب التخاطب، فنسرد الأفكار محصنة بالمشاعر، و لا نحتمل أي اعتراض، نجادل بها حتى لا يبقى للمنطق و أدب الحوار رمق، فمن يتفق معنا صديق أديب، له من المكانة القدر الكبير، و من يختلف معنا جاهل غريب، ليس لرأيه أي تقدير.

و قد ترسخ في فهم البعض أن الحوار، و تبادل الآراء و الأفكار، ما هي الا صور و تعاريف أخرى للمناظرة، و مع التجارب اليومية بالمجتمع "الواعي" ازددت يقينا ان مفهوم المناظرة مجهول لدى الكثير، فأصبحت الحياة خليط من الخلافات و الاختلافات، يستخدم لحلها "مناظرات" متعددة الصور، تقاس على أسس عاطفية، و تتحصن بمسمى الديمقراطية.

لا أنزه نفسي عن الغير، بل أنا جزء من المجتمع، و قد لا تخلو ممارساتي من سلبيات أذكرها.

أصبح الهدف الأساسي من الحوار تغيير القناعات. و أصبحت مشكلتنا الاجتماعية عدم احترام و تقبل الآخرين .. باختلاف قناعاتهم. فاحترام الآخر بالنسبة لهم هو عدم الإساءة اللفظية فقط (على الرغم من أن هذا الأسلوب يستخدم من قبل البعض لتعزيز الموقف و أنه في غالب الأحيان يلاقي استحسانا من الجهلة، سواءا كانوا من المؤيدين أو المعارضين). و أصبح تقبل الآخرين يعبّر بـ "كيفهم!". فلا احترام لهم إلا بعد تجريدهم من مبادئهم .. عجيب!

و في غياب الآلية السليمة لاحترام و تقبل الآخرين، و منها إلى التركيز على الاستيلاء على القناعات، تخلق صورة اجتماعية مشتتة الملامح لمن ينظر بعقله دون هواه، تساق لها العواطف كانسياق الضال للسراب، و يؤسر بها العقل و المنطق بأغلال العذاب، عندها يصبح التأييد تعصب المشاعر و إن كان يقود إلى التخلف، و المعارضة كفر يسل سيوف الفساد، و قد أصدر ضده أمر الجهاد. فينسى المؤيد أنه مؤيدا باقتناع، تحكمه العواطف و يزداد تأييدا، و يتناسى المعارض أنه معارضا للمبدأ، يسئ الظن .. ليزداد الأمر تعقيدا، فبئس التأييد تأييد العواطف، و بئس العناد مبدأ لمن يخالف، فلا خيرا أيدتم، و لا بالقناعة عارضتم.

تختلف أهدافنا و تختلف قناعاتنا بالسبل لتحقيقها، نسير بالعاطفة في أغلب الأحيان، و أحيانا نحكم العقل، لنجده غائبا لدى الأطراف الأخرى، فينتج من الانسياق بالعواطف و عدم تحكيم العقل خلل في الحوار و التفاهم، مما يقودنا لصراع فكري.

صراعاتنا الفكرية أبرز تجاربنا الشخصية. نبني عليها استنتاجاتنا و مفاهيمنا، نتعايش بها مع واقعنا، نحفظها بقالب الخبرة و التجارب لمواجهة صراعات المستقبل، و تسليم ذلك القالب لجيل الغد.

و قالب التجارب محتواه ثمين، بقاعدة و جدران رقيقة متشابكة متمثلة بالعقل و العاطفة، فلنحرص على تسليمه بعناية لجيل الغد، على الأقل كي لا يرث الجيل القادم تجارب .. بلا عاطفة و عقل.


ابتسمي ..
فابتسامتك تنعش الروح ..
لما بها من اشراقة ..
ابتسمي ..
و اسدلي الستار ..
عن لآلئ براقة ..
لئن اختلف بجمالك معي من اختلف ..سألزم الصمت .. متحدثا بمشاعري المشتاقة!